فائدة في فتن المئات
أي : في الحوادث التي وقعت في رأس كل مئة
قال ابن أبي حاتم في (( تفسيـره )) : حدثنا يحيى بن عَـبْـدَك القزوينيّ ، حدثنا خلف بن الوليد ، حدثنا المبارك بن فَضالة ، عن عليّ بن زيد ، عن عبدالرحمن بن أبي بكر ، عن العُرْيان بن الهيثم ، عن عبدالله بن عمرو بن العاصي قال : (ما كان منذ كانت الدنيا رأس مائة سنة .. إلا كان عند رأس المائة أمر ) (1) .
قلت : كان عند رأس المائة الأولى من هذه الملة : فتنة الحجاج ، وما أدراك ما الحجاج ؟! .
وفي المائة الثانية : فتنة المأمون وحروبه مع أخيه حتى دَرَست محاسن بغداد وباد أهلها ، ثم قَتْلُهُ إياه شر قتلة ، ثم امتحان الناس بخلق القرآن ؛ وهي أعظم الفتن في هذه الأمة ، وأولها بالنسبة إلى الدعاء إلى البدعة ، ولم يدع خليفة قبله إلى شي من البدع .
وفي المائة الثالثة : خرج القرمطيّ وناهيك به ، ثم فتنة المقتدر لما خُلِع وبويع ابن المعتز وأعيد المقتدر ثاني يوم ، وذبح القاضي وخلقا من العلماء ، ولم يقتل قاض قبله في ملة الإسلام ، ثم فتنة تـفـرق الكلمة وتغلب المتغلبين على البلاد ، واستمر ذلك إلى الآن .
ومن جملة ذلك : ابتداء الدولة العبيدية ، وناهيك بـهم إفسادًا وكفرًا وقتلاً للعلماء والصلحاء .
وفي المائة الرابعة : كانت فتنة الحاكم بأمر إبليس لا بأمر الله ، وناهيك بما فعل .
وفي المائة الخامسة : أخذ الفرنج الشام وبيت المقدس - حتى حررها صلاح الدين رحمه الله تعالى - .
وفي المائة السادسة : كان الغلاء الذي لم يسمع بمثله منذ زمن يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام ، وكان ابتداء أمر التتار .
وفي المائة السابعة : كانت فـتـنة التتار العظمى ، التي أسالت من دماء أهل الإسلام بحارًا .
وفي المائة الثامنة : كانت فتنة تـمرلنك التي استُصغرت بالنسبة إليهم فتنة التـتار على عظمها .
وأسأل الله تعالى أن يقبضنا إلى رحمته قبل وقوع فتنة المائة التاسعة بحب(1) نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين .
((تاريخ الخلفاء)) ص (796-797) .
ــــــــــــــــ
(1) قال المصنف رحمه الله تعالى : (بجاه) وهذا فيه مخالفة عقدية ، فأبدلته بكلمة (بحب) .