.... أهلاً وسهلا بطلاب العلم في موقع المتون العلمية ..... أهلا وسهلا بزوارنا الكرام ...........


 

قصة لمعن بن زائدة في اصطناع المعروف وإغاثة الملهوف

 

سعى رجل من أهل الكوفة في فساد دولة المنصور ، فعلم به ، وجعل لمن أدركه ودلّ عليه مائة ألف درهم ، فأقام الرجل حيناً مختفياً ، حتى مضَّهُ الاختفاء ، ثم ظهر في مدينة السلام ، فبينما هو يمشي في الشوارع إذ رآه رجل من أهل الكوفة فعرفه ، فأخذ بمجامع ثيابه ونادى : هذه طلبة أمير المؤمنين : فبينما الرجل على تلك الحال ، وقد اجتمع الناس عليه إذ سمع وقع حوافر الخيل من ورائه ، فالتفت ، فإذا هو (( معن بن زائدة )) فقال : يا أبا الوليد ، أنا في جيرتك .

فوقف ، وقال للرجل الذي هو معلق به ، ما شأن هذا ؟ قال : هذا بغية أمير المؤمنين ، الذي هدر دمه ، وجعل لمن دل عليه مائة ألف درهم .

فصرخ معن ، وقال : دعه !

ثم قال : يا غلام ، اردفه ، فأردفه خلفه وساق .

فصاح الرجل ، وقال : أيحال بيني وبين طلبة أمير المؤمنين ؟

فنادى بأعلى صوته : ارجع عنه ، ولم يزل عائطًا إلى أن وصل باب أمير المؤمنين .

فنادى بأعلى صوته : نصيحة لأمير المؤمنين .

فأمر المنصور بإحضاره ، فدخل عليه وأخبره الخبر ، فأمر بإحضار (( معن )) فأتته الرسل ، فدعا (( معن )) ببنيه وعبيده ، وقال : لا تُسْلِموا هذا الرجل ومنكم أحد يعيش .

ثم سار إلى المنصور ، فدخل وسلم ، فلم يرد عليه .

فقال : يا معن ، أتجير علينا عدوّنا ؟

قال : نعم ! يا أمير المؤمنين .

قال : وتعتذر بنعم أيضًا ، واشتد غضبه .

فقال معن : يا أمير المؤمنين ، بالأمس بعثتني إلى اليمن مقدّم الجيش ، قتلت في طاعتك في يوم واحدة عشرة آلاف نفس ، ولي مثله كثير ، أما رأيتموني أهلاً أن تجيروا لي رجلاً واحدًا ، استجار بي ، ودخل منزلي ؟

فسكن غضب المنصور ، وقال : قد أجرنا من أجرت يا أبا الوليد .

قال معن : فإن رأى أمير المؤمنين أن يصله بصلة يعلم بها موقع الرضا منك عنه ، فإنه في غاية السوء من خوفه .

قال : قد أمرنا له بخمسين ألف درهم .

قال : يا أمير المؤمنين ، إنّ صلة الخلفاء على قدر جنايات الرعيّة ، وإن ذنب الرجل عظيم ، فأجزل له العطية ، قال يا معن ، قد أمرنا له بمائة ألف درهم .

قال عجلِّها يا أمير المؤمنين ، فإن خيـر البـر عاجله .

فأمر المنصور بتعجيلها ، فأحضرت بين يديه ، فأحضر (( معن )) ذلك الرجل ، وقال له : خذ صلة أمير المؤمنين ، وقبِّل يده ، وإياك ومخالفة الخلفاء في أرض الله .

قال : فأخذ المال ، واستغفر الله تعالى ، ثم ذهب وقد أمن على نفسه ، وهو شاكر لـمعن بن زائدة على فعله معه من الخيـر والـمعروف .

نقلاً عن (( المختار من نوادر الأخبار )) لشمس الدين المقرِّي ، ص (87-88) .

 

 

 

 

Web Traffic Statistics