من خصائص ذي القَعدة : أن عُمَرَ النبيّ صلى الله عليه وسلم كلها كانت في ذي القَعدة ، سوى عمرته التي قرنها بحجته ، مع أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بها أيضاً في ذي القَعدة ، وفعلها في ذي الحجة مع حجته ، وكانت عُمَرُه صلى الله عليه وسلم أربعاً :
عمرة الحديبية ولم يتمها ، بل تحلل منها ورجع .
وعمرة القضاء من قابل .
وعمرة الجعرانة (1) ، عام الفتح ، لما قسم غنائم حنين ؛ وقيل إنها كانت في آخر شوال ، والمشهور أنها كانت في ذي القَعدة ، وعليه الجمهور .
وعمرته في حجة الوداع،كما دلت عليه النصوص الصحيحة، وعليه جمهور العلماء أيضاً .
وقد روي عن طائفة من السلف ؛ منهم ابن عمر وعائشة وعطاء ، تفضيل عمرة ذي القَعدة وشوال على عمرة رمضان ؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القَعدة ، وفي أشهر الحج حيث يجب عليه الهدي إذا حج من عامه ؛ لأن الهدي زيادة نسك ، فيجتمع نسك العمرة مع نسك الهدي .
ولذي القَعدة فضيلة أخرى ، وهي أنه قد قيل : إنه الثلاثون يوماً الذي واعد الله فيه موسى عليه السلام ؛ قال ليث عن مجاهد في قوله تعالى : ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ) قال : ذو القَعدة ، (وأتممناها بعشر ) الأعراف : 142 ، قال : عشر ذي الحجة .
وقيل : إن تحريم ذي القَعدة كان في الجاهلية لأجل السير إلى الحج ، وسمي ذا القَعدة لقعود هم فيه عن القتال ؛ وتحريم المحرم لرجوع الناس فيه من الحج إلى بلادهم ؛ وتحريم ذي الحجة لوقوع حجهم فيه ؛ وتحريم رجب كان للاعتمار فيه من البلاد القريبة . (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجِعْرَانة : بكسر الجيم وإسكان العين وفتح الراء وفيه لغة أخرى : الجِعِرَّانة : بكسر الجيم والعين مع تشديد الراء وفتحها ، وهو موضع ماء بين الطائف ومكة ، وهو إلى مكة أقرب ، نزله النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم غنائم هوازن مرجعه من غزوة حنين .
(2) من كتاب (( لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف )) للإمام ابن رجب الحنبليّ : ص (465) مع تصرف يسيـر .