أخبرنا الله سبحانه وتعالى ، أنه فرض علينا الصيام وعلى كل أهل الملل قبلنا ، لنكتسب به التقوى الإيمانية ، التي تحجزنا عن المعاصي والآثام ، ولنتوقى به كثيرًا من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة : 183) وقال صلى الله عليه وسلم : (( الصِّـيَامُ جُـنََّـةٌ )) (1) أي وقاية وستر .
وقد ثبت من خلال البحث بعض الفوائد الوقائية للصيام ضد كثير من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية .
منها على سبيل المثال لا الحصر :
يقوي الصيام جهاز المناعة ، فيقي الجسم من أمراض كثيرة ، حيث يتحسن المؤشر الوظيفيّ للخلايا اللّمفاوية عشرة أضعاف ، كما تزداد نسبة الخلايا المسئولة عن المناعة النوعية (T . Lymphocytes ) زيادة كبيرة ، كما ترتفع بعض أنواع الأجسام المضادة في الجسم ، وتنشط الردود المناعية نتيجة لزيادة البروتين الدهني منخفض الكثافة .
الوقاية من مرض السمنة وأخطارها ، حيث أن من المعتقد أن السمنة كما قد تـنتج عن خلل في تمثيل الغذاء ، فقد تـتسبب عن ضغوط بيئية أو نفسيه أو اجتماعية ، وقد تتضافر هذه العوامل جميعًا في حدوثها ، وقد يؤدي الاضطراب النفسيّ إلى خلل في التمثيل الغذائي ، وكل هذه العوامل التي يمكن أن تنجم عنها السمنة ، يمكن الوقاية منها بالصوم : من خلال الاستقرار النفسيّ والعقليّ الذي يُجني بالصوم نتيجة للجوّ الإيمانيّ الذي يحيط بالصائم ، وكثرة العبادة في الذكر ، وقراءة القرآن ، والإنفاق في سبيل الله ، والبعد عن الانفعال والتوتر ، وضبط النوازع والرغبات ، وتوجيه الطاقات النفسية والجسمية توجيهًا إيجابيًا نافعًا .
هذا فضلاً عن تأثير الصيام المثالي في استهلاك الدهون المختزنة ، ووقاية الجسم من أخطار أمراض السمنة ، كالأمراض القلبية الوعائية ، مثل قصور القلب ، والسكتة القلبية ، وانسداد الشرايين المحيطة بالقلب ، وكمرض تصلب الشرايين .
يقي الصيام الجسم من تكون حصيات الكلى ، إذ يرفع معدل الصوديوم في الدم ، فيمنع تبلور أملاح الكالسيوم ، كما أن زيادة مادة البولينا في البول تساعد في عدم ترسب أملاح البول ، التي تكوّن حصيات المسالك البولية .
يقي الصيام الجسم من أخطار السموم المتراكمة في خلاياه ، وبين أنسجته ، ومن جراء تناول الأطعمة ، وخصوصًا المحفوظة والمصنعة منها ، وتناول الأدوية ، واستنشاق الهواء الملوث بهذه السموم .
يخفف الصيام ويهدئ ثورة الغريزة الجنسية ، وخصوصًا عند الشباب ، وبذلك يقي الجسم من الاضطرابات النفسية والجسمية ، والانحرافات السلوكية .
يعتبر الصيام وقاية من الأمراض العقلية والنفسية ، فقد ثبت تأثيره على مرض انفصام الشخصية ، حيث أشار الدكتور يوري نيكولايوف ، من المعهد النفسي بموسكو ، إلى أن الأمراض العقلية يمكن السيطرة عليها بمفعول الصيام والحمية ، وقد تبين عند مراجعة 1000 مريض عقلي التزموا الصيام ، أن التحسن كان ملحوظًا لدى 65% منهم ، وقد وقع فحص نصف هؤلاء المرضى بعد 6 سنوات ، واتضح أنهم لا يزالون يتمتعون بصحة طيبة ، كما أن الدكتور آلان كوت قد ألزم 35 مريضًا ومريضة ببرنامج صيام ، وتخلص 24 منهم من مرضهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جزء من حديث طويل في فضل الصيام ، أخرجه مسلم برقم (1151) (163) .
* عن كتاب (( الصيام معجزة علمية )) ص (173-176) للدكتور : عبدالجواد الضاوي .