.... أهلاً وسهلا بطلاب العلم في موقع المتون العلمية ..... أهلا وسهلا بزوارنا الكرام ...........


 

قال الله عز وجل : {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} (40) سورة المعارج

وقال في موضع آخر : {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} (17) سورة الرحمن .

فالمشرقان مشرق الصيف والشتاء ، والمغربان مغرباهما ، فبمشرق الصيف مطلع الشمس في أطول يوم من السنة ، وهو يوم حلول الشمس برأس السرطان لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من حزيران ، وذلك قريب من مطلع السّماك الرامح ، ومغرب الصيف على نحو ذلك ، ومشرق الشتاء مطلع الشمس في أقصر يوم من السنة ، وهو يوم حلول الشمس برأس الجدي ، لاثنتين وعشرين ليلة تخلو من كانون الأول ، ومغرب الشتاء على نحو ذلك .

وأما المشارق والمغارب ، فمشارق الأيام ومغاربـها في جميع أيام السنة ، وهي كلها بين هذين المشرقين والمغربين ، فإذا طلعت الشمس من أخفض مطالعها في أقصر يوم في السنة ، لم تزل بعد ذلك ترتفع في المطالع ، فتطلع كل يوم من مطلع فوق مطلعها بالأمس طالبة مشرق الصيف ، فلا تزال على ذلك حتى تتوسط المشرقين ، وذلك عند استواء الليل والنهار يوم حلولها ، وهو مشرق الاستواء ، ثم تستمر على حالها من الارتفاع في المطالع منحدرة نحو مشرق الاستواء الثاني ، حتى إذا بلغته استوى الليل والنهار في الخريف ثانية ، وذلك يوم حلولها برأس الميزان ؛ لاثنتين وعشرين ليلة من أيلول ، ثم يستمر انحدارها حتى تبلغ منتهى مشارق الشتاء ، وهو المشرق الذي بيناه في المطالع ، قال الله عز وجل : {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (38) سورة يــس

قال ابن قتيبة : قوله تبارك وتعالى : (( لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا )) أي إلى مستقر لها ، كما تقول : تجري لغايتها وإلى غايتها ، ومستقرها أقصى منازل الغروب ، وذلك أنـها لا تزال تتقدم في كل ليلة حتى تنتهي إلى أبعد مغاربـها ، ثم ترجع ، فذلك مستقرها ؛ لأنـها لا تجاوزه .

وكذلك لغرض لها في منازل الطلوع ، فأما من قرأ : (( لا مُسْتَقَرٍّ لَّهَا )) فالمعنى أنـها لا تقف ولا تستقر ؛ ولكنها جارية أبدًا ، ثم قال بعد هذا : {لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (40) سورة يــس

قال ابن قتيبة : (( يريد أنـهما يسيران الدهر دائمين ، ولا يجتمعان ، فسلطان القمر بالليل ، وسلطان الشمس بالنهار ، ولو أدركت الشمس القمر لخمد ضوؤه وبطل سلطانه ؛ ودخل النهار على الليل ، قال الله تبارك وتعالى حين ذكر يوم القيامة : {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} (9) سورة القيامة وذلك عند إبطال هذا التدبيـر ونقص هذا التأليف ((وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ)) يقول : هما يتعاقبان ولا يسبق أحدهما الآخر فيفوته ، ويذهب قبل مجيء صاحبه (( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )) أي يجرون ، يعني الشمس والقمر والنجوم ، وقال أبو حنيفة : القمر يتجاوز في مشرقية ومغربية ، مشرقي الشمس ومغربيها ، فيخرج عنها في الشمال والجنوب قليلاً ، فمشرقاه ومغرباه أوسع من مشرقي الشمس ومغربيها .

·        نقلاً عن (( كتاب الأنواء والأزمنة ، ومعرفة أعيان الكواكب في النجوم )) لعبدالله بن الحسين الثقفي ، المتوفى رحمه الله تعالى سنة 403هـ .

 

 

 

Web Traffic Statistics