.... أهلاً وسهلا بطلاب العلم في موقع المتون العلمية ..... أهلا وسهلا بزوارنا الكرام ...........


 

سمي شهر شعبان : (من تشعب القبائل وتفرقها للغارة ) .

(( عَن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ  قال :  قُلْتُ  : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،  لَمْ أَرَكَ تَصَومُ مِنَ الشَّهْرِ مَا تَصُومُ مَنْ شَعْبَانَ ؟ فَقَالَ : ذَاكَ شَهْرٌ يَغْفَلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي ، وَأَنَا صَائِمٌ )) رواه النسائيّ والبيهقيّ وحسنه الألبانـيّ .

والعبادة وقت الغفلة متأكدة وثوابـها أعظم ، ولذلك ورد في الحديث (( عِبَادَةٌ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ )) و ((أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ )) وكذلك شهر شعبان ، وهو من أشهر الغفلة لمجيئه بين رجب ورمضان ، وكلاهما معلوم الحرمة ، هذا بالإضافة إلى أنه شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من صيامه ، ويقول : (( أُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي ، وَأَنَا صَائِمٌ )) .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يَصُومُ ، حَتَّى نَقُولَ : لَا يُفْطِرُ ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ : لَا يَصُومُ ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ )) رواه البخاري ومسلم وأبو داود .

وعنها قالت : ((لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ ، فَإِنَّهُ كَانَ  يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ ، وَكَانَ يَقُولُ : خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا )) متفق عليه .

ومعنى (( كَانَ  يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ )) أي يصوم أكثره جمعًا بين الروايات ، ولأن اللغة لا تمنع إطلاق الكل على أكثريه الشيء ، وتخصيص صوم يوم النصف منه ظـنًّا أن له فضيلة على غيره مما لم يأت به دليل صحيح .

يقول الشيخ على محفوظ ص 286 من كتاب الإبداع : (( ومن البدع الفاشية في الناس احتفال المسلمين في المساجد بإحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة والدعاء عقب صلاة المغرب ، يقرءونه بأصوات مرتفعة بتلقين الإمام ، فإن إحياءها بذلك على الهيئة المعروفة لم يكن في عهد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، ولا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين .. إلى أن قال : وجملة القول أن كل الأحاديث الواردة في ليلة النصف من شعبان دائر أمرها بين الوضع والضعف وعدم الصحة ، فقد نقل أبوشامة الشافعيّ عن القاضي أبي بكر بن العربـيّ أنه قال في كتاب العارضة : (( ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يساوي سماعه )) وقال في كتاب الأحكام : (( ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه ، ولا في فضله ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليه )) .

هذه أقوال العلماء في فضل ليلة النصف من شعبان .

أما الصلاة المخصوصة التي يفعلها بعض الناس في هذه الليلة فقد ذكر حديثها في الإحياء وقوت القلوب ، ولكن قد صرح جماعة من الحفاظ بأنه موضوع ، قال الحافظ بن الجزريّ في الحصن (( وأما صلاة الرغائب أول خميس من رجب ، وصلاة ليلة النصف من شعبان ، وصلاة ليلة القدر من رمضان فلا تصح وسندها موضوع باطل )) .

وقال الحافظ العراقي : حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب عليه ، وقال الإمام النوويّ في كتاب المجموع (( الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة ، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان ، ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب وإحياء علوم الدين ، ولا بالحديث المذكور فيهما ، فإن كل ذلك باطل ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابـهما ، فإنـه غالط في ذلك ، وقد صنف الشيخ الإمام محمد عبدالرحمن بن إسماعيل المقدسيّ كتابًا نفيسًا في إبطالـهما فأحسن فيه وأجاد ، ا . هـ .

واعلم أن السنة كسفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ، وفيها الكفاية بإذن الله ، فيسعك أن تكثر من الصيام ومن صالح الأعمال في هذا الشهر المبارك دون ابتداع أو اختراع ، وإذا كان بعض الناس لا يستعد لاستقبال شهر رمضان إلا بأصناف الطعام والشراب في هذه الأيام ، فلا تغفل أنت ، فهي أيام تُرفع فيها الأعمال لرب العالمين ، ولك في رسول الله أسوة حسنة .

عباد الله : الأيام تـمُـرّ ، والصحائف تُطوى ، والأعمال تُرفع ، فمن الذي يوقظ النائم ، وينبه الوسنان ، وإلا فغدًا يكشف الغطاء ، ونسأل الله الستر .

الناس في غفلاتـهم      ورحى الـمـنـيـة تطحن .

 

 

 

 

Web Traffic Statistics