.... أهلاً وسهلا بطلاب العلم في موقع المتون العلمية ..... أهلا وسهلا بزوارنا الكرام ...........


 

الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه .

وبعد : فإن هذه الفائدة التي اخترت لها اسم كتاب مصطفى جواد (( قل ولا تقل )) ستكون ثابتة في كل شهر ، وسأعوّل في الجملة على كتابه هذا (( قل ولا تقل )) والدكتور مصطفى جواد رحمه الله تعالى من كبار علماء اللغة المعاصرين ، وسأضيف إليه من كتب شتى ما أرى الحاجة ماسة إليه ، وبالله التوفيق .

قل : الـجُـمْـهـور والـجُـمْـهـوريّـة

ولا تقل : الـجَـمْـهـور والـجَـمْـهـوريّـة

وذلك لأن المسموع من العرب والمأثور في كتب لغتهم هو (( الـجُـمْـهـور )) بضم الجيم ولأن الاسم إذا كان على هذه الصيغة وجب أن تكون الفاء أي الحرف الأول مضمومة لأن وزنه الصرفيّ عند الصرفيين هو فُـعْـلول كعصفور وشُعرور أي شُوَيْـعِـر : وإذا صغنا اسـمًا من الـجُـمهور صِناعيًّا ، وهو الذي يسميه الصرفيون (( المصدر الصناعي )) وهو تساهل منهم ، وذلك بإضافة ياء مشدَّدة وتاء تأنيث إليه فهو الـجُـمهورية كالإنسانيّة والبشرية والمسؤولـيّـة والعائدية والفاعلية .

وإذا كان الحرف الثانـي من الاسم أو الصفة مُضعَّـفـًا أي مكررًا فإن الحرف الأول نفسه يكون مفتوحًا لا مضمومًا ، مثل (( عَـبّود )) وخَـرّوب ودبّوس وقَـيّـوم ، وشذَّ من ذلك سُبّوح وقُدوس فإن ضم أولهما شاذ ، قال الجوهري في معجم الصحاح : (( وسُـبّوح من صفات الله تعالى ، قال ثعلب : (( كل اسم على فَـعّول فهو مفتوح الأول إلا السُّبـّوح والقُدُّوس فإن الضم فيهما أكثر وكذلك الذُّروح )) (1) . وقال سيبويه : (( ليس في الكلام فُـعّـول بالضم )) . وقال الجوهري أيضًا : (( الذُّراح بوزن التُّفاح والذُّروح بوزن السُّبوح : دُويبَّة حمراء منقّطة بسواد وهي من السُّموم والجمع الذراريح .

وقال سيبويه : (( واحد الذراريح ذُرحرَحَ )) وليس عند سيبويه في الكلام فُـعّـول ... وكان يقول سَـبُّوح وقَـدُّوس بفتح أوائلها ، قال الراجز :

 

وفصّل الجوهري الكلام في مادة القُدس من الصحاح ، قال (( وقُدّوس اسم من أسماء الله تعالى وهو فُـعّول من القدس وهو الطهارة ، وكان سيبويه يقول قَدّوس وسَبّوح بفتح أوائلهما ... قال ثعلب : كل اسم على فَـعّول فهو مفتوح الأول مثل سفّود وكلّوب وسمّور وشبّوط وتنّور ، إلا السُّـبّوح والقُدّوس فإن الضم فيهما أكثر وقد يفتحان ، وكذلك الذُّروح وقد يفتح )) . انتهى .

وإذا نقل فَـعُّـول إلى وزن فُـعْـلول فإنه يكون مضموم الأول كالـخُـرنوب ثمر الشوك ، فإنه نقل فصار (( الـخُـرنوب )) .

قال الجوهري : (( والخـرّوب بوزن التنّور نَبت معروف والخرنوب بوزن العصفور لغة ، ولا تقل الـخَـرنوب بالفتح )) انتهى قوله .

ومن هذا القول يفهم أن الفتح هو من اللُّغة العامية العراقية القديمة الباقية حتى هذا العصر فإن العامة تقول : العَصفور أي العُصفور ، أما زيدون وخلدون وحمدون وأمثالهن فهي مفتوحة الأوائل سماعًا ؛ لأن الوزن مقتبس وليس أصيلاً .

قل : فلان مُـؤامِـر

ولا تقل : مُـتـآمِـر

لأن حق الواحد المفاعلة أي المؤامرة ، تقول : آمر فلان فهو مؤامر ، كما تقول : حارب فهو محارب ، ولا تقول متحارب ، وشارك فهو مشارك ولا تقول : متشارك ، ورافق فهو مرافق ولا تقل : مترافق ، وإذا قلت : تآمرا وتآمروا قلت : هما متآمران وهم متآمرون ، فمتفاعل من هذا الوزن ، وهذا المعنى لا يستعمل إلا مثنى أو جمعاً فإذا أريد استعمال المفرد وحده يُرد إلى مُفاعل تقول : هو مُؤامر وهي مُؤامرة .

قل : وقَف في المستشرف أو الروشن أو الجناح

ولا تقل : وقف في الشرفة

فالشرفة هي أجزاء متساوية من البناء ناتـئـة على حافة السطح بعضها متصل ببعض ، وهي في الغالب محددة الأطراف ، وتعد زينة للسطوح ، وقد يقع عليها طائر ، أما الإنسان فكيف يقف أو يقعد على ناتـئـة من البناء في حافة السطح ؟ وقد وصف ابن الروميّ شرفات بعض القصور التي كانت على دجلة ، قال :

 

فالمراد إذن (( المستـشرف )) وهو الموضع الذي يشرف منه الإنسان على ما حوله ، أو الروشن : وهو المعروف عند الغربـيـيـن بالبالكون ، ويجوز أن يقال (( المشرف )) وقد ظهر لنا أن بعض المترجمين الضعفاء ترجم البالكون بالشُّرفـة ، ولم يعرف الروشن ولا المستشرف ، وكذلك يجوز استعمال الجناح مكان الشرفة بالمعنى المغلوط فيه .

قل : أيـّـما أفضل آلعلم أم المال ؟

ولا تقل : أيهـمـا أفضل العلم أم المال ؟

وذلك لأن (( هما )) في قولك (( أيهما )) ضميـر يعود على اسم ظاهر متأخر عنه لفظًا ورتبة عودًا غير مجاز ، مضاف إلى أن التركيب مخالف للمنطق اللُّغوي ، فأيُّ للاستفهام ، و (( هـمـا )) إخبار ، ويكون الاستفهام عن الظاهر أول مرة ، فإذا كرّر الظاهر جاز لنا أن نستفهم عن ضميـره ، ولما لم يذكر الظاهر في هذه الجملة وضعنا مكانه (( ما )) فقلنا : أيّمـا أفضل آالعلم أم المال ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وقد نظم كلام ثلعب ابن المرحل في أرجوزة (( موطأة الفصيح )) ص : (92) فقال :

 

 

 

 

Web Traffic Statistics