.... أهلاً وسهلا بطلاب العلم في موقع المتون العلمية ..... أهلا وسهلا بزوارنا الكرام ...........


 

قال الإمام القرطبيّ في تفسير قوله تعالى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (23) سورة الجاثية

 (( قال ابن عباس والحسن وقتادة: ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه، فلا يهوى شيئا إلا ركبه )) . (1)

وقال عكرمة : أفرأيت من جعل إلهه الذي يعبده ما يهواه أو يستحسنه ، فإذا استحسن شيئا وهويه اتخذه إلهاً .

قال سعيد بن جبيـر : كان أحدهم يعبد الحجر، فإذا رأى ما هو أحسن منه رمى به وعبد الآخر . (2)  

وقال مقاتل : نزلت في الحارث بن قيس السهميّ أحد المستهزئين ، لأنه كان يعبد ما تـهواه نفسه . (3)

وقال سفيان بن عيينة : إنما عبدوا الحجارة لأن البيت حجارة.

وقيل المعنى : أفرأيت من ينقاد لهواه انقياده لإلهه ومعبوده ، تعجيبًا لذوي العقول من هذا الجهل . (4)

وقال الحسين بن الفضل : في هذه الآية تقديم وتأخيـر ، مجازه: أفرأيت من اتخذ هواه إلهه .

وقال الشعبي: إنما سمي الهوى ؛ لأنه يهوي بصاحبه في النار .

وقال ابن عباس : ما ذكر الله هوى في القرآن إلا ذمه (5) ، قال الله تعالى { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ } (176) سورة الأعراف ، وقال تعالى { وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (28) سورة الكهف ، وقال تعالى{بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ} (29) سورة الروم ، وقال تعالى { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (50) سورة القصص ، وقال تعالى{ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } (26) سورة ص .

وقال عبد الله ابن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمُ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ )) (6) .

وقال أبو أمامة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( مَا عُبِدَ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَهٌ أَبْغَضُ إِلَى اللهِ مِنَ الْهَوَى )) (7) .

وقال شداد بن أوس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم : (( الْكَـيِّـسُ مَن دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ ، والْـعَاجِـزُ  مَن أَتْـبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى الله ...)) (8) .

وقال عليه الصلاة والسلام : (( إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوىً مُـتَّـبَـعًا وَدُنْـيَا مُؤْثَـرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍِ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنكَ أَمْرَ الْعَامَّـةٍ )) (9) .

وقال صلى الله عليه وسلم : (( ثَلاَثٌ مُهْلِكَاتٌ وَثَلاَثٌ مُنْجِيَاتٌ ، فَالْمُهْلِكَاتُ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوىً مُتَّبَعٌ ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ ، وَالْمُنجِيَاتُ خَشْـيَـةُ اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ )) (10).

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه : (( إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله وعلمه ، فإن كان عمله تبعا لهواه فيومه يوم سوء ، وإن كان عمله تبعا لعلمه فيومه يوم صالح )) (11).

وقال الأصمعيّ سمعت رجلاً يقول :

 

وسئل ابن المقفع عن الهوى فقال: هوان سرقت نونه، فأخذه شاعر فنظمه فقال:

 

وقال آخر:

 

ولعبد الله بن المبارك :

 

ولابن دريد :

 

ولأبي عبيد الطوسيّ :

 

وقال أحمد بن أبي الحواري : (( مررت براهب فوجدته نحيفا فقلت له : أنت عليل. قال نعم. قلت مُذ كم؟ قال: مذ عرفت نفسي! قلت فتداوي؟ قال: قد أعياني الدواء، وقد عزمت على الكي. قلت وما الكي؟ قال: مخالفة الهوى)) (17) .

وقال سهل بن عبد الله التستريّ : (( هواك داؤك ، فإن خالفته فدواؤك )) .

وقال وهب : (( إذا شككت في أمرين ولم تدر خيرهما فانظر أبعدهما من هواك فأته)) (18).

وللعلماء في هذا الباب في ذم الهوى ومخالفته كتب وأبواب أشرنا إلى ما فيه كفاية منه ، وحسبك بقوله تعالى : " وأما من خاف مقام ربه ونـهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى )) .

تنبيه : أثبت جل تعليقات المعلِّقَين  .

 (( الجامع لأحكام القرآن )) ط : الرسالة (19/158-162) .

ـــــــــــــــــــــــــــ

 (1) تفسير البغوي (4/159) وينظر النكتب والعيون (5/264) وأخرج قول ابن عباس وقتادة الطبريُّ (21/92-93) .

(2) النكت والعيون (5/265) .

(3) ذكره ابن الجوزيّ في زاد المسيـر (7/362) .

(4) النكت والعيون (5/265) .

(5) المحرر الوجيز (5/86) وقول الشعبيّ السالف منه .

(6) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة برقم (15) والخطيب البغداديّ في تاريخ بغداد (4/369) والبغويّ في شرح السنة (1/213) .

قال الإمام النوويّ : (( حديث حسن صحيح )) وينظر كلام الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (2/393-395) .

(7) أخرجه بـهذا اللفظ الواحديّ في الوسيط (4/99) وأخرجه بنحوه ابن أبي عاصم في السنة (3) والطبرانيّ في الكبيـر (7502) .

وقال الهيثميّ في مجمع الزوائد (1/188) : وفيه الحسن بن دينار ، وهو متروك الحديث . اهـ .

وقال ابن الجوزي في الموضوعات (326/2) : هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه جماعة ضعاف ، والحسن بن دينار والخصيب كذابان عند علماء النقل .

(8) أخرجه أحمد (17123) وفي إسناده أبو بكر بن أبي مريم ، وهو ضعيف . وسلف بعضه (1/221) .

(9) أخرجه أبو داود برقم (4341) والترمذيّ برقم (3058) وابن ماجه برقم (4014) عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه في سياق طويل ، وحسنه الترمذيّ ، وصححه ابن حبان ، وله شواهد يرتقي بها إلى الصحيح لغيره ، ويظهر على جمل الحديث بـهاء النبوة .

(10) أخرجه البزار في (( كشف الأستار )) برقم (80) والطبرانيّ في الاوسط برقم (5448) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال المنذريّ في ((الترغيب والترهيب)) (1/362) : وهو مرويّ عن جماعة من الصحابة ، وأسانيده ، وإن كان لا يسلم شيء منها من مقال ، فهو بمجموعها حسن إن شاء الله تعالى .

(11) ذكره ابن الجوزيّ في ذم الـهـوى ص (22) ، وصفة الصفوة (1/636) بنحوه .

(12) ذم الهوى لابن الجوزي ص (33) وهذا البيت نسبه الثعالبيّ في التمثيل والمحاضرة ص (113) لعبيد الله بن عبدالله بن طاهر .

(13) ذكر الثعالبي في التمثيل والمحاضر ص (454) البيت الثاني ، وقبله البيت السالف الذي أوله : نون الهوان ..

(14) البيتان في بـهـجـة المجالس (2/306) ، وذم الهوى ص (34) .

(15) البيتان ذكرهما الثعالبي في التمثيل والمحاضر ص (453) دون نسبة ، وفيه (( فخالف هواها ما استطعت )) بدل (( فدعها وخالف ما هويت )) .

(16) البيت لأبي العتاهية كما في أشعاره وأخباره ص (459) وفيه : اتبعتها ، بدل : أعطيتها .

(17) ذم الهوى ص (28) .

(18) المحرر الوجيز (5/86) ونسب القول الأخيـر أيضًا لسهل بدل : وهب .

 

 

 

Web Traffic Statistics