ذكر أقوال أبرز أئمة المذاهب الأربعة في وجوب تغطية المرأة وجهها
نقل فضيلة الشيخ : فريح البهلال في خلاصة كتاب (( الاستيعاب فيما قيل في الحجاب )) عن أكثر من 40 إماماً من أعيان المذاهب الأربعة اتفاقهم على وجوب ستر المرأة وجهها ، وإليك ما أورده :
أولاً : النقول من أصحاب المذهب الحنفيّ :
قال العينيّ : (( يجب على المرأة الاحتجاب من الرجال بالإجماع )) .
وقال الشيخ محمد أديب كلكل فيما نقله عن الهنداويّ (1) : (( ستر وجه المرأة فرض عند خوف الفتنة ، والفتنة واقعة لا محالة ، لا يشك في ذلك إلا مكابر ومنكر للحقائق والواقع ، وعليه اتفاق الأئمة - رضوان الله عليهم أجمعين - )) .
وقال محمد بن الحسن في روايته (2) : (( ولا ينبغي للمرأة أن تنتقب ، فإذا أرادت أن تغطي وجهها فلتسدل الثوب سدلاً من فوق خمارها على وجهها ، وتجافيه عن وجهها ، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا )) ا هـ .
وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ شفيع الحنفيّ (3) : (( وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء وجمهور الأمة على أنه لا يجوز للنساء الشواب كشف الوجوه والأكف بين الأجانب ، ويستثنى منه العجائز ، لقوله تعالى : {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (60) سورة النــور .
وصرح الشيخ صديق حسن خان (4) : بأن المرأة كلها عورة .
ثانيًا : النقول من أصحاب المذهب المالكيّ :
قال الإمام ابن عبدالبـر في ستر المرأة المحرمة وجهها : (( وأجمعوا أن لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلاً خفيفًا تستـتر به عن نظر الرجال إليها )) .
وبمثل هذا نقل الإمام الزرقانـيّ (6) في شرح حديث فاطمة بنت المنذر : (( كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ... )) الحديث .
وابن رشد (7) وتقدم قول الأنصاري في المحرمة (8) : (( المرأة لا تغطي وجهها ولا كفيها إلا عند ملاقاة الرجال الأجانب )) .
وقال أبو الحسن بن القطان (9) في المحرمة : (( وأجمعوا أن لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلاً خفيفًا ، تستـتر به عن نظر الرجال إليها )) .
وصرح الإمام أبو بكر بن العربـيّ (10) بوجوب ستر جميع جسد المرأة ، فإنه عورة .
وقال (11) : (( ستر وجه المرأة بالبـرقع فرض إلا في الحج ، فإنـها ترخي شيئًا من خمارها على وجهها )) .
وعزا الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية (12) إلى الإمام مالك أنه يذهب إلى أن المرأة عورة كلها حتى ظفرها .
ثالثًا : النقول من أصحاب المذهب الشافعيّ :
حكى الإمام العلامة أحمد بن حسين أبو العباس الرمليّ الشافعيّ المعروف بـ (( ابن رسلان رحمه الله فيما نقله عنه الإمام الشوكانـيّ (13) : (( اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، لاسيما عند كثرة الفساق )) ا هـ .
وقال شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة الرمليّ الشافعيّ الصغيـر (14) : (( النظر وكشف الوجه مع خوف الفتنة حرام بالإجماع ، كما قال الإمام - يعني إمام الحرمين - )) .
ونقل الشهاب في شرحه (15) كما أنه قال : (( ومذهب الشافعي رحمه الله كما في الروضة وغيرها : أن جميع بدن المرأة عورة حتى الوجه والكف مطلقًا )) ا هـ .
وقال البيضاوي (16) : (( كل بدن الحرة عورة لا يحل لغيـر الزوج ، والمحرم النظر إلى شيء منه إلا لضرورة كالمعالجة وتحمُّل الشهادة )) ا هـ .
وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن حجر المكيّ الهيتميّ (17) : (( حرَّم أئمتنا النظر إلى قلامة ظفر المرأة المنفصلة ولو مع يدها ، بناء على الأصح من حرمة نظر اليدين والوجه ؛ لأنـهما عورة في النظر من المرأة ولو أمة على الأصح ، وإن كانا ليسا عورة من الحرة في الصلاة ... إلخ )) .
وجاء (18) : (( أن مذهب مالك والشافعي أن جميع بدن الحرة عورة )) .
وصرح الإمام السيوطيّ (19) : (( بأن كل بدن المرأة عورة حتى الوجه والكفين في الأصح )) .
ونقل ابن حجر (20) : (( عن الزياديّ - وأقره عليه – أن عورة المرأة أمام الأجنبيّ جميع بدنـها حتى الوجه والكفين على المعتمد )) ا هـ .
وقال الشرقاويّ (21) : (( وعورة الحرة خارج الصلاة بالنسبة لنظر الأجنبي إليها جميع بدنـها حتى الوجه والكفين ، ولو عند أمن الفتـنة )) .
وحكى الإمام النوويّ (22) عن إمام الحرمين أبي المعالي الجوينيّ أنه (( حكى اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه )) .
رابعًا : النقول من أصحاب المذهب الحنبليّ :
قال شيخ الحنابلة الإمام الموفق ابن قدامه (23) في المرأة المحرمة : (( فإذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبًا منها ، فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها لا نعلم فيه خلافًا )) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (24) في المحرمة : (( ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالإتفاق ، وإن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضًا ، ولا تكلف المرأة أن تجافي سترتـها عن الوجه لا بعود ولا بيد ، ولا غير ذلك )) .
وقال أيضاً (25) : (( وبالجملة فقد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها ، وإنما ذلك إذا خرجت )) اهـ .
وقال الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية (26) في المحرمة : (( قد أجمع الناس على أن المحرمة تستر بدنـها بقميصها ودرعها )) اهـ .
وقال الإمام العلامة شمس الدين أبو عبدالله بن مفلح (27) في المحرمة : (( والمرأة إحرامها في وجهها فيحرم تغطيته ببرقع أو نقاب ... )) إلى أن قال : (( ويجوز لها أن تسدل على الوجه لحاجة وفاقاً )) يعني للثلاثة .
وقال أيضاً (28) : (( ويحرم النظر بشهوة ، ومن استحله كفر إجماعًا ، قاله شيخنا )) .
وقال الإمام العلامة يوسف بن عبدالهادي الشهيـر بابن الـمِـبْـرد (29) : (( ويجب عليها ستر وجهها إذا برزت )) .
* قلت : يعني عند الأئمة الأربعة .
وعلى هذا القول عامة فقهاء الحنابلة رحمهم الله تعالى .
وأما الإمام أحمد رحمه الله تعالى فقد ثبت عنه أنه نصَّ على أن المرأة كلها عورة حتى ظفرها ، نقله عنه جماعة من أصحابه .
وممن نصَّ على أن المرأة كلها عورة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (30) ، وكافة علماء الحنابلة .
وقال العلامة النظَّار المجتهد الكبيـر محمد بن إبراهيم الوزير اليمانـيّ (31) : (( وأجمعوا على وجوب الحجاب للنساء )) ا هـ .
وذكر الإمام العلامة الأميـر الصنعانـيّ (32) : (( إجماع المسلمين على تحريم التبرج )) .
وقال الإمام العلامة الشوكانـيّ (33) : (( وقال ابن المظفر في البيان : أنه يحرم النظر إلى الأجنبية مع الشهوة اتفاقًا )) اهـ .
وصرح الإمام الأميـر الصنعانـيّ (34) بأن المرأة كلها عورة في باب النظر .
ص (17-25) من الكتاب المذكور .
ــــــــــــــــــــــ
(1) في فرضية النقاب : ص 139 .
(2) موطأ مالك ص 146 رقم (425) .
(3) في كتابه : (( المرأة المسلمة )) ص 202 .
(4) في فتح العلاّم (1/97) .
(5) في التمهيد (15/108) والاستذكار (11/28) رقم (15257) .
(6) في شرح الموطأ (2/234) رقم (734) .
(7) في بداية المجتهد (1/336) .
(8) في حكاية مذاهب الأئمة الأربعة (1/61) .
(9) في الإقناع (1/262) رقم (1458) .
(10) في العارضة (2/135-137) .
(11) في المصدر نفسه (4/56) .
(12) في مجموع الفتاوى (22/110) .
(13) في نيل الأوطار (6/130) .
(14) في نـهـاية المحتاج (6/187) .
(15) في عودة الحجاب للمقدم (3/271) .
(16) في أنوار التـنـزيل وأسرار التأويل (2/121) .
(17) في كتابه : الزواجر عن اقتراف الكبائر (2/5) .
(18) في عناية القاضي وكفاية الراضي (6/373) .
(19) في الأشباه والنظائر ص (410-414) .
(20) في تحفة المحتاج (2/112) .
(21) في حاشيته على تحفة الطلاب (1/174) .
(22) في روضة الطالبين (7/21) .
(23) في المغني (5/154) رقم (590) .
(24) في مجموع الفتاوى (26/112) .
(25) في حجاب المرأة المسلمة ولباسها في الصلاة ، ص : 7 .
(26) في بدائع الفوائد (3/141) .
(27) في الفروع (3/450) .
(28) في الفروع (5/155) .
(29) في مغني ذوي الأفهام ص 120 .
(30) في مجموع الفتاوى (22/113) و (26/112) .
(31) في الروض الباسم في الذب عن سُنَّة أبي القاسم (1/202) .
(32) في كتابه : منحة الغفار على ضوء النهار (4/2011 - 2012) .
(33) في نيل الأوطار (6/128) .
(34) في سبل السلام (1/383) .