.... أهلاً وسهلا بطلاب العلم في موقع المتون العلمية ..... أهلا وسهلا بزوارنا الكرام ...........


سعيد بن المسيِّب رحمه الله تعالى في عزة النفس والجهر بالحق والثبات عليه

قال المصنف رحمه الله تعالى في ترجمة سعيد بن المسيِّب رحمه الله تعالى :

فصل: في عزة نفسه وصدعه بالحق .

عن سلام بن مسكين : حدثنا عمران بن عبد الله ، قال:

كان لسعيد بن المسيِّب في بيت المال بضعة وثلاثون ألفا ، عطاؤه.

وكان يدعى إليها، فيأبى ، ويقول : لا حاجة لي فيها ، حتى يحكم الله بيني وبين بني مروان .

وعن حماد بن سلمة : أنبأنا علي بن زيد :

أنه قيل لسعيد بن المسيِّب : ما شأن الحجاج لا يبعث إليك ، ولا يحركك ، ولا يؤذيك؟

قال: والله ما أدري ، إلا أنه دخل ذات يوم مع أبيه المسجد ، فصلى صلاة لا يتم ركوعها ولا سجودها ، فأخذت كفا من حصى ، فحصبته بـها .

زعم أن الحجاج قال : ما زلت بعد أحسن الصلاة  .

وفي (الطبقات) لابن سعد : أنبأنا كثيـر بن هشام ، حدثنا جعفر بن برقان ، حدثنا ميمون ، وأنبأنا عبدالله بن جعفر ، حدثنا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران ، قال: قدم عبد الملك بن مروان المدينة ، فامتنعتْ منه القائلة ، واستيقظ ، فقال لحاجبه : انظر، هل في المسجد أحد من حُدَّاثنا؟

فخرج ، فإذا سعيد بن المسيِّب في حلقته ، فقام حيث ينظر إليه ، ثم غمزه ، وأشار إليه بأصبعه ، ثم ولى ، فلم يتحرك سعيد .

فقال: لا أراه فطن .

فجاء ، ودنا منه ، ثم غمزه ، وقال : ألم ترني أشـيـر إليك ؟

قال : وما حاجتك ؟

قال : أجب أميـر المؤمنين .

فقال: إليّ أرسلك ؟

قال : لا ، ولكن قال : انظر بعض حُدَّاثنا ، فلم أرى أحدا أهيأ منك .

قال: اذهب ، فأعلمه أني لست من حُدَّاثه .

فخرج الحاجب ، وهو يقول: ما أرى هذا الشيخ إلا مجنوناً .

وذهب ، فأخبر عبد الملك ، فقال: ذاك سعيد بن المسيِّب ، فدعْهُ .

قال سليمان بن حرب ، وعمرو بن عاصم : حدثنا سلام بن مسكين ، عن عمران بن عبد الله بن طلحة الخزاعي ، قال: حج عبد الملك بن مروان ، فلما قدم المدينة ، ووقف على باب المسجد ، أرسل إلى سعيد بن المسيِّب رجلا يدعوه ولا يحركه .

فأتاه الرسول ، وقال: أجب أميـر المؤمنين ، واقف بالباب يريد أن يكلمك .

فقال: ما لأميـر المؤمنين إلي حاجة ، وما لي إليه حاجة ، وإن حاجته لي لغيـر مقضية .

فرجع الرسول ، فأخبـره ، فقال : ارجع ، فقل له : إنما أريد أن أكلمك ، ولا تحركه .

فرجع إليه ، فقال له : أجب أميـر المؤمنين .

فرد عليه مثل ما قال أولاً .

فقال : لولا أنه تقدَّم إليّ فيك ، ما ذهبت إليه إلا برأسك ، يرسل إليك أميـر المؤمنين يكلمك تقول مثل هذا!

فقال: إن كان يريد أن يصنع بي خيـرًا ، فهو لك ، وإن كان يريد غيـر ذلك ، فلا أحل حبوتي حتى يقضي ما هو قاض .

فأتاه ، فأخبـره ، فقال : رحم الله أبا محمد ، أبى إلا صلابة .

زاد عمرو بن عاصم في حديثه بـهذا الإسناد:

فلما استخلف الوليد ، قدم المدينة ، فدخل المسجد ، فرأى شيخاً قد اجتمع عليه الناس ، فقال : من هذا؟

قالوا: سعيد بن المسيِّب.

فلما جلس ، أرسل إليه ، فأتاه الرسول ، فقال : أجب أمـيـر المؤمنين.

فقال: لعلك أخطأت باسمي ، أو لعله أرسلك إلى غيـري  .

فرد الرسول ، فأخبـره ، فغضب ، وهم به .

قال : وفي الناس يومئذ تقية ، فأقبلوا عليه ، فقالوا :

يا أميـر المؤمنين ، فقيه المدينة ، وشيخ قريش ، وصديق أبيك ، لم يطمع ملك قبلك أن يأتيه .

فما زالوا به حتى أضرب عنه .

قال عمران بن عبد الله - من أصحاب سعيد بن المسيِّب - : ما علمت فيه لينا.

قال الحافظ الذهبيّ : كان عند سعيد بن المسيِّب أمر عظيم من بني أمية وسوء سيـرتـهم ، وكان لا يقبل عطاءهم .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

راجع ترجمة سعيد بن المسيِّب في (( سير أعلام النبلاء )) (4/226- 228) .

 

 

 

Web Traffic Statistics