
هذه الأرجوزة أرجوزة قصيرة تقع في 163 بيتاً ، وهي أرجوزة طريفة تعالج مشكلة كبيرة وليست كبيرة في مفهوم كثير من الناس ، إنها ظاهرة العبث في الصلاة ، وهي ظاهرة متفاقمة تبعث على الفزع ، وتدل على التهاون بأعظم شعائر هذا الدين ، وماتزال هذه الظاهرة في تزايد مستمر .
ولعل أبرز أسبابها ضعف الوازع الإيمانيّ ، وفقدان التوجيه المستمر ، وغياب التناصح ، مع ما فتن به كثير من الناس في زماننا هذا من ترك أجهزة الهواتف المحمولة مفتوحة أثناء أداء الصلاة ، والإصرار على النغمات الموسيقية أو النشاز ، وساعد على هذه الظاهرة المؤلمة تبلد الإحساس عندهم فلا تسمع من ينبس ببنت شفه ، وإلى الله المشتكى .
يقول الناظم بعد طول معاناة مما يراه من مظاهر العبث : ظهرت لدي فكرة تسجيل هذه المظاهر عام 1420 هـ ، فبدأت أسجل هذه المشاهد ورأيت العجب العجاب ، وتساءلت في نفسي : هل هؤلاء يستشعرون أنهم واقفون بين يدي الله تعالى ، وما الذي بقي لهم من صلاتهم تلك .
وإن تعجب فعجب أن أكثر المصلين عبثاً هم كبار السن والشباب ولا سيما المراهقون منهم .
فأما كبار السن فيجمعون إلى كثرة الحركة : رفع الصوت بالقراءة والأذكار ، فتسمع اللحن الذي يحيل المعنى ، والأذكار التي لم يرد منها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مع كثرة النحنحة ، والكحكحة ، والامتخاط ، والتنخم ، والتفل ، والطحير المزعج ، ورفع الصوت بالتثاؤب ، والجشاء ، والمتاغرة ، ويحصل كل ذلك في ركعة واحدة أحياناً .
أما الشباب فنصيبهم من العبث كبير جداً ، فإلى جانب كثرة الحركة : فرقعة الأصابع ، والضحك ، والتقدم ، والتأخر ، والنظر في الهاتف المحمول ، والإصلاح المتكرر للغترة والعقال ، وإصلاح الكم ، وتكرر سحب المناديل ، وترى الواحد منهم لايبالي أن تمتد يده أمام المصلين على يمينه أو شماله إذا كانت علبة المناديل بعيدة عنه ، ناهيك عن ترك الهاتف المحمول مفتوحاً ، فتسمع الأجراس المنكرة ، بل والأغاني أحياناً ، وبعض المناطق في السوء أكثر من بعضها الآخر .
وإنه لمن المؤسف أن ترى أكثر الوافدين أحسن صلاة منا ، وأتعمد أن أدخل في الصف بين اثنين منهم حتى أسلم من مد جناحي الشماغ أمام وجهي والركل والرَّمْح ، وإن كان بعض هؤلاء لا تسلم من رائحة تذهب بخشوعك ، وإلى الله المشتكى .
ومكثت نحو ثمانية أشهر تقريباً أسجل هذه المشاهد ، وأنظمها ، فتارة أنظم في البيت وتارة أخرى في الطريق أو في السيارة ، حتى اكتملت لي جملة من نظم صور عبث كثير من المصلين ، استطعت أن أقسمها فصولاً .
وليست هذه الصور كل ما يراه المصلون من عبث كثير من المصلين ، فهناك صور أخرى لم أذكرها ، والله المستعان .
وقد بينت في مقدمة الإصدار أن هذه الأرجوزة ليست لبيان مخالفات المصلين لواجبات الصلاة وسننها ، وإنما هي لمعالجة ظاهرة العبث المتمثلة في كثرة الحركة التي قد تفسد صلاة صاحبها في بعض الأحيان وتشوش على المصلّي كالمراوحة بين القدمين ، ومجانبة هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في العطاس والتثاؤب وغير ذلك .
أسال الله تعالى أن تسهم هذه الأرجوزة في معالجة هذه الظاهرة المؤلمة ، وأن يوفقنا جميعاً إلى الصلاة الخاشعة ، ونعتذر عن إطالة هذا التقديم ، والدافع إلى ذلك هو التوضيح للسامع والقارئ ، وصلى الله وسلم على خير خلقه نبينا وإمامنا وقدوتنا وحبيبنا محمد ، وعلى آله وصحبه .
حفـظ الأرجوزة صوتياً : اضغط هنا